علمي

قصب السكر … ملك محاصيل الصعيد … المفترى عليه

عن قصب السكر قالوا هو شره للمياه و مستهلكها ومستنفذها و مهدرها, و يتوجب علينا أن نستبدله بمحصول سكري آخر… أقل استهلاكاً للمياه. هى إتهامات قديمة متجددة, لم تأت مصادفة بل ربما تستهدف الريادة المصرية فى زراعة القصب و إنتاج السكر.

ويذكر البعض أن قصب السكر يستهلك فى الموسم الواحد أربعة عشر ألف متراً مكعباً من مياه الري, و هو تقدير جانبه الصواب تماماً و لا أدري من أين تم الإتيان به بل لم أر و لم أسمع و لم أقرأ أن الجهة التي ينسب اليها الرقم قد أجرت دراسات بحثية تطبيقية حول هذا الأمر, و كل ما يمكن قوله هنا أن محصول القصب يكفيه فى الموسم من 8- 10 آلاف متر مكعب من مياه الري في الموسم كرقم متوسط للاستهلاك المائي .

لكن الكثيرين من المزارعين لديهم قناعة تامة بأن القصب يحتاج الى مياه كثيرة,و يقومون فعلياً بمده بكميات زائدة عن حاجته من مياه الري, و هذه الزيادة فى مياه الرى تسبب الكثير من الاضرار للقصب من أهمها إنتشار الحشائش و الآفات الحشرية و المرضية بل وتتخطى ذلك كله الى إنخفاض الانتاجية.

لذا فإن كثيراً من توصياتنا الإرشادية  لخدمة قصب السكر تطلب و تطالب المزارعين بخفض امداداتهم للقصب بمياه الرى بل وإننا نقترح لهم من التوصيات الفنية ما يعتبر مؤدياً الى خفض الاستهلاك المائي و هذا ما سوف نتناوله فى هذا المقال تحديداً مشمولاً بأهم التوصيات الفنية بعمليات الخدمة في هذه الفترة من عمر قصب السكر (شهر مايو و يونية).

ففي هذه الفترة تقع مرحلة النمو العظمي للقصب الغرس الخريفى و أيضاً القصب الغرس الربيعى الذى تمت زراعته في الميعاد الامثل بداية شهر فبراير بالإضافة الى القصب الخلفة الذي تم حصاده في الأشهر الثلاث الاول من موسم الحصاد و التوريد وفي هذه المرحلة( مرحلة النمو العظمى) تحدث الاستطالة أي الزيادة في الطول و يتواكب معها الزيادة في القطر (السمك) الامر الذي يعني تأسيساً لاعطاء محصول مرتفع من وحدة المساحة, هذا بشرط تواجد كثافة نباتية معتبرة من قصب السكر أي عدم وجود فراغات (بور) في حقل القصب.

وهذه المرحلة تتطلب أن يكون قد تم مد القصب بغالبية إحتياجاته التسميدية إن لم تكن كلها من تسميد فوسفاتي و نيتروجينى (ازوتى) و بوتاسى, بالاضافة الى النظافة التامة من الحشائش التي تنافس القصب على كل شىء و تسبب له الكثير من الاضرار كون كثير منها يمثل عائلاً مناسباً للعديد من الآفات الحشرية و المرضية.

و غنى عن البيان أن نقول أنه من الأهمية بمكان عدم الافراط في الامدادات المائية للقصب في هذه المرحلة من عمره, عكس ما يعتقده المزارعون من أنه لابد أن يكون مستوى المياه في الحقل عند الري يصل الى ركبتي من يقف فى الحقل و هذا ما اطلق عليه (ثقافة الري للركب).

وأعود فأقول إنه يجب أن يتم إضافة الدفعة الثانية والثالثة من السماد النيتروجيني في هذه الفترة (مايو /يونية) وتعطى الدفعة الثالثة والاخيرة لحقول قصب الخلفة التي تم حصادها في فبراير و النصف الأول من مارس فى حين تكون الدفعة الثانية للقصب الذى تم حصاده متأخراً أو من القصب الغرس الربيعي الذي غالبا ما يزرع فى مارس وابريل وهى مواعيد متأخرة بالطبع يحسن تبكيرها لتتم الزراعة في فبراير.

و يجب أن تتم إضافة السماد البوتاسي (100 كجم سلفات بوتاسيوم 48%) مخلوطاً مع الدفعة الثانية من السماد النيتروجين.

وهنا أود الاشارة و التنبيه الى أن هناك العديد من المعاملات الزراعية لمحصول قصب السكر و التي من شأنها خفض الاستهلاك المائي للقصب وأهمها:

التخلص من الحشائش

حيث إن الحشائش التي تتواجد في الحقول لابد وأن تقوم باستهلاك المياه لاستمرار حياتها و نموها و بالتالي فهى تنافس القصب في الحصول على مياه الري و تتسبب فى زيادة الاستهلاك المائي لذا فإن التخلص منها مؤداه خفض الاستهلاك المائي و يفضل أن تتم مكافحة الحشائش بالعزيق وأن يتم تفويت رية بعد العزيق وذلك لإعطاء الفرص لجفاف وموت الحشائش و عدم مقدرتها على استعادة النمو   وقديما قالوا ,, العزقة تساوي نصف ريه,,

استخدام المصاطب فى زراعة القصب

هو اسلوب جديد نحاول تطبيقه لدى المزارعين و بالفعل بدأ عدد لابأس به من المزارعين بتطبيقه و فيه يتم زراعة القصب على خطوط كالعادة ثم يتم العزيق  و في العزقة الثانية التي قد يستبدلها الكثيرون من المزارعين بالفج يتم فج خط وترك الاخر بدون فج فيبدو  الامر كما لوكنا نزرع على مصاطب, و يشترط في هذا الاسلوب أن يتم تعميق بطون المساطب و أن لا تغطي مياه الري ظهر المصاطب وتحصل نباتات القصب في هذه الحالة على المياه بالنشع وهو اسلوب الري الامثل للقصب حيث تنخفض نسبة الرطوبة جداً في حقل القصب مما يمتنع معه انتشار الكثير من الآفات و الامراض التي تنشط في جو الرطوبة المرتفعة, كما أن الري بالغمر الذي بمقتضاه  تعلوا المياه فوق سطح الارض وتظل كذلك لعدة أيام تختلف طبقاً لكمية المياه المضافة و مدى نفاذية الارض, فخلال هذه الفترة تنخفض جدا أو تكاد تتوقف تصاعد المياه داخل نباتات القصب لدرجة أننا في بعض الاحيان وعند إرتفاع الحرارة نلاحظ التفاق أوراق القصب لحماية نفسه من اختلال التوازن المائى, فيتبدى لنا أن القصب يعاني العطش رغم غمر المياه لقواعده,وهذا ما يصطلح على تسميته بالعطش الفسيولوجى لذا فإن المصاطب هي الاسلوب الامثل لزراعة القصب.

الري ليلاً

ولان قصب السكر يزرع في مصر العليا حيث إرتفاع درجات الحرارة التي تؤدي الى زيادة معدل البخر وبالتالى زيادة الاستهلاك المائى لذا فان الري ليلا حيث درجات الحرارة أقل يؤدي الى خفض البخر و بالتالى خفض الاستهلاك المائي للقصب.

زراعة أصناف ذات إحتياجات مائية قليلة

وهذا ما يقوم معهد بحوث المحاصيل السكرية بعمله خلال هذه الفترة حيث يعمل على نشر صنفين من أصناف القصب أحدهما إحتاجاته من المياه قليلة أصلاً وهو الصنف جيزة 84-47 كما أنه يتحمل إنخفاض إمدادات المياه أكثر من الصنف التجاري السائد حالياً س9، الصنف الاخر هو الصنف جيزة 3 وهو صنف مبكر النضج يمكن أن يتم حصاده عند عمر 10 شهور و بالتالى يتم توفير حوالي 4 ريات من المياه وهذا إتجاه محمود يقلل من الاستهلاك المائي لقصب السكر.

هذا عن الري و التسميد ومقاومة الحشائش في هذه المرحلة, الإ أنه فى هذه المرحلة أيضاً تنشط وتنتشر الثاقبات (السوسة) ويمكن مقاومتها على النحو التالى:

  • استخدام طفيل التريكوجراما

حيث يتم حاليا توزيع الكروت المحتوية على الطفيل بمعرفة مصانع السكر  وما على المزارع الإ أن يتابع من خلال مكاتب الزراعة التابعة للمصنع و يتعرف على اليوم الذى سيتم نشر الطفيل فيه ويتواجد عند حقلة وسوف يحصل على الكمية المناسبة من كروت الطفيل لمساحته ويقوم بنشرها داخل حقله على مسافات 30 متر بين الحقل و الاخر , و يتم النشر قبيل الغروب حتى يكون الجو مناسبا للطفيل

  • المصايد النباتية

حيث تتم زراعة خط من الذرة  كل عشرة خطوط  قصب على أن تتم ازالتها عند عمر 40 يوم و يكرر ذلك من ثلاث الى اربع مرات, ومن الثابت علمياً وتطبيقياً أن الحشرة تفضل الذرة عن القصب وتضع بيضها فيه ثم يفقس البيض الى يرقات و عند ازالة الذرة المحتوية على اليرقات نكون قد تخلصنا من نسبة كبيرة جدا من الثاقبات بطريقة سهلة, لكن التأخير عن 40 يوم له مضار شديدة حيث ستخرج الديدان من سيقان نباتات الذرة لتتحول الى عذراء تحت سطح التربة لتخرج بعدها حشرة كاملة و تصيب القصب .

وأخيراً

لكي نحصل على محصول جيد من قصب السكر علينا أن نتخلص من الحشائش التي تتواجد في القصب, و أيضا مطلوب الإنتهاء من إضافة كافة الاسمدة بنهاية شهر يوليو أو منتصف شهر اغسطس, ولا ننسى ضبط عمليات الري بدون إفراط أو تفريط و نتمنى لكم محصول وفير.

دكتور: أحمد زكى ابو كنيز

رئيس بحوث بمعهد بحوث المحاصيل السكرية

مركز البحوث الزراعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى