غير مصنف

شجيرة الجوجوبا مستقبل لمصر وإحتياج للعالم

 

البترول قارب أن ينضب والعالم يتجه إلى إستخدام بدائل وبخاصة النباتية لإنتاج الوقود الحيوي(بنزين وسولار حيوي) وزيت الجوجوبا هو أحد أفضل هذه البدائل النباتية.

الجوجوبا Simmondsia chinensis Linkشجيرة معمرة مستديمة الخضرة عدد الكروموسومات بها  n=4x=52 ويلفظ من قبل المتحدثين بالفرنسية  )جوجوبا(  والمتحدثين بالأسبانية )خوخوبا(  والمتحدثين بالأنجليزية )هوهوبا ( إلأ إن اللفظ السائد المتفق عليه هوهوبا (Hohoba) ويطلق عليها أحيانا جوز الماعز أو جوز الغزال أو البندق البري زرعها الهنود الحمر واستخدموا البذور والزيت في أغراض عديدة مثل القروح والجروح وغيرها.

يبلغ إرتفاعها من2-4متر ومحيطها حوالي2.5متر يتكون مجموعها الخضري من عدة سيقان والجذر وتدي 9أضعاف المجموع الخضري في التربة والاوراق بيضاوية الشكل تشبه اوراق الزيتون ولكنها جلدية سميكة تغطيها طبقة شمعية تعكس أشعة الشمس والازهار بها 5-6سبلات وبتلات – لونها رمادي أخضر أزهارها صغيرة الوانها خضراء وصفراء ويصل عمرها لأكثر من 200سنة تجود زراعتها في الأراضي الخفيفة وتتحمل الملوحة حتى8000 جزء في المليون وموطنها الأصلي أمريكا الشمالية في جنوبي أريزونا وكاليفورنيا وشمال غرب المكسيك وتزرع من أجل الحصول على ثمار مفردة أو في مجموعات بها بذورتجمع من منتصف يولية حتى نهاية أغسطس، تحتوي البذرة على زيت شمعي سائل عبارة عن ليبدات تخزن في النبات وتصل نسبته في البذرة إلى 45 – 55% تبعا للسلالة والزيت عبارة عن شمع سائل ذهبي فاتح ناتج من سلاسل مستقيمة من اتحاد أحماض دهنية 20-22 ذرة كربون وكحول وربطتين غير مشبعتين حيث تشابه السلسلة الكيميائية لزيت الجوجوبا في صفاتها الطبيعية والكيميائية زيت جلد الإنسان وزيت الحوت ولذلك ليس له مثيل فى الزيوت النباتية.

يرجع اكتشافها لعالم النبات الامريكي اتش إف لينك 1822 الذي أطلق على النبات إسما كرم من خلاله عالم النبات الانجليزي تي دبليو سيموندز ومن وقتها تستعمل التسمية كإسم علمي للنبات Simmondsia chinensis Link ثم بعد تحريم صيد الحيتان بقرار من الحكومة الأمريكية وخاصة حوت العنبر للمحافظة على السلالة من الإنقراض مما قلل من إنتاج زيت الحوت والذي كان يدر عائدا يقدر بثلاثة بلايين دولار سنويا، وفي بداية السبعينات بدأ البحث عن زيت بديل له نفس الخواص والأهمية ومن هنا تم اكتشاف الخاصيات المميزة لزيت الجوجوبا حيث بدأ الاهتمام بالجوجوبا منذ ذلك الحين في موطنها الاصلي بصحراء سونوران الامريكية بولاية اريزونا وصحراء كاليفورنيا وإنتشرت زراعتها في تلك المناطق ولكن مع الاسف عن طريق زراعة البذورمما تسبب في حدوث انعزالات وراثية والحصول على أشجار ضعيفة الإنتاجية مما كان له أكبر الاثر علي تحجيم القطاع الخاص في الاستمرار في التوسع في زراعات مساحات شاسعة مثل ما حدث مع شركة دول العالمية والتي زرعت 10الاف هكتار جوجوبا عن طريق البذور فحدث تشجيع للمستثمرين على الزراعة فأدى ذلك الي رفع أسعار الاراضي وانتعاش الزراعة في الاراضي ولكن للاسف بعد عدة سنوات وبعد إثمار الشجيرات جاءت النتائج سيئة جدا وانتاجية ضعيفة جدا لا تحقق مصاريف الزراعة والتشغيل وعليه بدأت شركة دول بتقليع شجيرات الجوجوبا وتبعها في ذلك كل المستثمرين المجاورين والذين زرعوا بالبذرة ونتج عن ذلك هجر الاراضي فإنخفضت أسعار الاراضي مرة اخرى وتقدم المتضررون بشكوى ضد العلماء في الجامعة الذين نصحوا من قبل بزراعة الجوجوبا عن طريق البذور وأصدرت السلطات قرارا بعدم تمويل مشروعات لابحاث الجوجوبا من الثمنينات وحتى الان.

في منتصف الثمانينات بنظرة ثاقبة وإستشراف للمستقبل ورؤية عالمية من خلال مشروع طموح لعبت منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة FAO دورا بارزا في انتشار زراعة الجوجوبا خارج أمريكا الى دول الجوار في امريكا اللاتينية مثل المكسيك، بيرو، الارجنتين، شيلي، براجوي، البرازيل، كوستاريكا ثم الى افريقيا في مصر، السودان، كينيا، تنزانيا، زيمبابوي، بوستوانا،جنوب افريقيا، نامبيا، السنغال، المغرب، الجزائر، بنين، الكاميرون، تشاد، جيبوتي، مالي، موريتانيا، النيجر، نيجريا،الصومال وجامبيا وفي دول الشرق الأوسط اسرائيل، الكويت، السعودية وتركيا وفي قارة اسيا الهند وفي اوربا ايطاليا، اسبانيا، اليونان وقبرص كما تم الزراعة في استراليا، نيوزلاندا وهاوي.

تم إختيارموقع (2 هكتار)اوثلاث مواقع للزراعة بكل دولة لكن للاسف واجه المشروع مشكلتين الاولى أنه قد تمت الزراعة في تلك الدول عن طريق خليط من البذور(أمريكا- الأرجنتين– اسرائيل) فأدى ذلك الى إنخفاض إنتاجية الشجيرات التي نجحت في النمو والمشكلة الثانية الظروف البيئية الغير مناسبة مثل الامطار في كيب تاون بجنوب افريقيا جفت شجيرات عمر4سنوات بسبب زيادة ماء الامطار والصقيع هوالعامل الاخر المؤثر في نجاح عقد البذورتنتج  الشجيرات المذكره أزهارا تحتوي على حبوب لقاح  وأخرى مؤنثة تحمل الثمار بعد التلقيح الذي يتم بواسطة الرياح وتخرج الازهار تباعا في نهاية الصيف وتسكن على الشجيرات حتى نهاية الشتاء ثم تبدأ في العقد والنمو حتي تعطي الثمار والبذور ويتم الحصاد في يوليو وأغسطس وجبة البذور سامة للعديد من الثدييات، ويعمل الشمع غير المهضوم كملين في البشر.

من بداية سبعينيات القرن الماضي حاول ما يناهز40 دولة في العالم إختبار زراعة الجوجوبا بشكل بحثي وتجاري ولكنها لم تنجح تجاريا إلا في بعض البلدان لا تتجاوز10دول نظرا لاحتياجها الى صيف معتدل  وشتاء دافى حيث تتأثر بالصقيع الذى يسبب موت الازهار وفقدان المحصول.

الانتاج العالمي 2017هو ما ينتجه 10دول تزرع الجوجوبا على نطاق تجاري ومحصوله من البذور25000 طن وبعد العصر يعطي 10000 طن زيت يمثل 5% من احتياجات الشركات العالمية حيث يتزايد الطلب ويرتفع السعر بشكل رهيب وصل الى الضعف خلال السنتين الماضيتين ويتوقع الخبراء استمرار إرتفاع السعر لسببين الاول حدوث صقيع فى بعض المناطق فى الارجنتين (46% من الانتاج العالمى) والسبب الثاني مشاكل الزراعة بالبذرة في أمريكا (36% من الانتاج العالمى) مما تسبب في إنخفاض الإنتاج العالمى وزيادة الطلب على الزيت نظرا للاكتشافات المتتالية لفوائده المختلفة وتهافت الشركات على تصنيع.ومصر تعتبر من افضل دول العالم فى التوسع فى زراعة الجوجوبا حيث أن معظم الاراضى المصرية من شمال سيناء وحتى أسوان نجحت زراعة الجوجوبا بها فالمناخ مناسب تماما علاوة على نموه على ماء الصرف الصحى المعالج وماء الصرف الزراعى وماء الآبار حتى 8000 جزء فى المليون وبالطبع ماء النيل ومصر تتميز بدرجة عالية من سطوع الشمس معظم العام وإنخفاض تكلفة العمالة والانتاج مما يفتح لنا فرص التصدير من خلال تصديرالزيت وتصنيع منتجات تعتمد على زيت الجوجوبا قادرة على المنافسة العالمية علاوة على تنمية مجتمعات جديدة ومقاومة التصحر واتاحة فرص جديدة لتشغيل الشباب والنساء وبخاصة فى الصناعات القائمة على الجوجوبا والتوسع فى زراعة الصحراء أحد الإختيارات الإستراتيجيه للحكومة فى المرحلة القادمة، حيث من المتوقع التوسع في زراعة شمال سيناء وجنوب الوادى فى توشكى وشرق العوينات والفرافرة بمساحات تزيد عن مليون فدان،وتعتبر الصحراء المصرية من أنسب الأراضى من ناحية طبيعة الأرض أوالمناخ لزراعتها على المستوى العالمى،.الجوجوبا تحتاج إلى مقننات مائية محدودة مع قدرتها على تحمل ظروف وطبيعة الصحراء المصرية القاسية والفقيرة في العناصر الغذائيه للنبات، بالإضافة إلى قدرة النباتات على تحمل الأجهاد الحراري العالي والملوحة ولها قيمة مضافة كمادة خام للصناعة مما يسهل إنشاء تجمعات زراعية صناعية لتنمية الإقتصاد.

ينتج عن عصر البذور زيت خام عبارة عن سائل ذهبي فاتح لا يحتاج إلى تنقية أو تكرير فقط يتم فلترته قبل التعبئة الحفظ والتخزين لمدد طويلة نظرًا لوجود مواد طبيعية مضادة للأكسدة (3%) تحفظه من التزنخ او التأكسد وله درجة ثبات عالية قليل التطاير يتحمل درجات الحرارة المرتفعة 393مئوية.

 

شجيرة الجوجوبا

الجوجوبا إحادية الجنس ثنائية المسكن تتحمل الحرارة المرتفعة والمنخفضة مقاومة للجفاف والنباتات إما أن تكــون مذكـــرة أومــؤنثة والمؤنث يحمل ثمرة للعام الحالي وزهرة للعام القادم
وأزهــار الجوجوبا المؤنثة عديمة الرائحة والوانها غيرجاذبة للحشرات، وعمليه التلقيح تتم بواسطة الرياح وتساعد خفة حبوب اللقاح وشكلها القرصى على إنتقالها عن طريق الريح لمسافات قد تزيد عن 1000متر درجات الحرارة المرتفعة حتى50م لا تضر بالنبات، وتتحمل الجوجوبا درجات الحرارة المنخفضة التى قد تصل إلى حد التجمد إن كان ذلك لفتره قصيرة، ويراعى عند إختيار مواقع زراعة الجوجوبا الإبتعاد عن المناطق التي تتعرض عادة لموجات من الصقيع الربيعى حيث أن ذلك يؤدي الى الإضرار بالنموات الزهرية والخضرية للنبات، وتجود زراعة الجوجوبا فى المناطق التى تسود فيها درجات حرارة دافئة أثناء النهار (28– 36م ) ومنخفضة نوعأ ما أثناء الليل (13 – 18م)، حيث أن التباين في درجات الحرارة يؤدي إلى إعطاء محصول أوفر أوراق الجوجوبا تتكيف مع حرارة الصحراء الشديدة بإتجاهها رأسيا  خلال منتصف النهار في الصيف درجات الحرارة العالية تقلل عملية التمثيل الضوئي للاوراق، بينما تشرق الشمس على حواف الأوراق في الصباح وبعد الظهر، يصل الضوء إلى سطح الورقة المسطحة بشكل مباشر، في وقت تكون فيه درجات الحرارة أكثر ملاءمة لالتقاط الطاقة.

ويقدر استهلاك الجوجوبا من الماء بثلث إستهلاك نبات البرسيم وبنصف إستهلاك نبات القطن حيث يحتاج الفدان إلى1000متر/ مكعب سنويأ حسب نوع الماء ومكان وطبيعة أرض الزراعة ويقاوم نبات الجوجوبا ملوحة الماء والتربة إلى حد بعيد، ويعتمد ذلك على سلالة النبات وكذلك على نوع الملح، ووجد أن بعض الأصناف تتحمل ملوحة حوالى 3000جزء في المليون بينما أصناف أخرى تتحمل ملوحة تصل إلى حوالي 8000 جزء فى المليون، وفى أحد الحقول التجريبيه تم ري الجوجوبا بالتنقيط بماء يحتوي على 10.000جزء فى المليون من الأملاح، دون تأثير واضح فى نموها الخضرى وتنمو الجوجوبا في معظم أنواع الأراضي حتى الجيرية والزلطية والصخرية وأنسب الأراضى لزراعتها هى الأراضي الرملية الخفيفه جيدة الصرف والتى تميل للقلوية 5- 8، وتنجح الزراعة أيضأ في الأراضي الثقيلة إن كانت جيدة الصرف لكن لاتستطيع النمو فقط في الاراضي الطفلية قليلة التهوية سيئة الصرف والاراضي الطينية نظرا لاحتفاظها بالماء لمدد طويلة تؤدي الى تاخير النمو والازهار ومشاكل الاصابة بالفطريات معظم إحتياج الجوجوبا للماء يكون في نهاية الشتاء وبداية الربيع وبعض سلالاتها عند تعرضها لزيادة في ماء الري أو امطار شديدة يتحول لون الاوراق الى أخضر باهت ثم اصفر محمر ثم تجف الشجيرات بالكامل ولكنها تبدأ في تجديد النمو عند تقليل كمية الماء او تباعد فترات الري وتستعيد مجموعها الخضري الذي فقدته بالكامل في غضون خمسة اشهر وفي زيارة الى السودان شاهدت مجموعة كبيرة من الشجيرات لاتروى وكانت تعتمد علي ماء المطر في نموها ولكنني علمت ان الامطار توقفت عن الهطول في تلك المنطقة منذ 4سنوات ورغم ذلك تنمو بشكل جيد على الجبل ولا يظهر عليها أعراض العطش اونقص العناصر الغذائية ووجدت انها تعيش فقط على قطرات الندى التي تتعرض لها الاوراق في الصباح فتمتصها وتستفيد بها في نموها وكانت كافية تماما لاعطاء ازهار وعقد ووجدت بذور على الارض اسفل الشجيرات بحجم ومواصفات عادية تم دراستها فيما بعد مع العلماء اليابانين لمعرفة تأثير ندرة الماء في ري الجوجوبا علي ظهور جينات تتحمل الجفاف ومن هنا يمكن القول أن شجيرات الجوجوبا لا يتسبب في موتها العطش ولكن ممكن يسبب ذلك الماء الزائد والجوجوبا كنبات صحراوي لها قدرة عالية على التكيف مع البيئة والتصدي الى الكوارث وقد شاهدت في أمريكا بغابة باريزونا قد احترقت شجيرات الجوجوبا وبعد فترة عاودت النمو مرة اخرى من منطقة التاج القريبة من سطح التربة هذا يدل على أن الشجيرة شديدة التحمل للظروف الصعبة ويتكيف نموها وحجمها مع نوع التربة والري والتغذية والظروف البيئية المحيطة وهل نموها من عقلة او بذرة  وعليه لانستطيع تحديد عمر الاشجار عن طريق حجم النمو الخضري.

تتكون أزهار الجوجوبا على الآفرع حديثة النمو وتبدأ فى الأزهار خلال الصيف والخريف تباعا عندما تكون درجة الحرارة معتدله وتظل ساكنه خلال الشتاء، وبعد تعرضها للحرارة المنخفضه تبدأ فى التفتح فى أواخر الشتاء وأول الربيع ليتم التلقيح والعقد وتنمو البذور وتنضج في يونيو ويوليو واغسطس  وتسقط البذور على الأرض بعد إكتمال نضجها حيث تجمع يدويأ أوبواسطة ألات جمع تقوم بالتقاط البذور بطريقة الشفط مع التخلص من التراب والفضلات المرفقة.

الشجيرات التى تزرع عن طريق البذور أو بشتلات بذرية تكون متفاوتة في النمو وضعيفة جدا فى كمية الانتاج لكن بإستخدام سلالات منتخبة عالية الإنتاج يصل إنتاج الفدان لاكثر من واحد طن بذرة وهذا يعتمد على خبرة عالية جدا في التعرف على السلالات المختلفة المناسبة للمنطقة المزروعة وظروفها المناخية ومن وجهة نظري يعتبر افضل برنامج لتطوير زراعة الجوجوبا هو إختيار منطقة محددة وعمل انتخاب للشجيرات النامية فيها والتي ستؤخذ منها العقل للاكثار والزراعة مرة اخري في نفس المنطقة.

من أهم ما يميز بذور الجوجوبا انه يمكن حفظها بطرق معينة لمدة تزيد عن 20سنة دون تلف أو تأثير على مكونات الزيت داخلها.

حاليا تمتلك مصر سلالات عالية الانتاج ويقوم المشتل الياباني المصري للجوجوبا بإكثارها عن طريق العقل وعمل مساحات كبيرة منها كامهات للاكثار التجاري لجميع مناطق مصر 55 فدان امهات في سيناء و50 فدان في الاقصر في مزرعة شركة اوربيت الزراعية – طيبة الجديدة.

 

 إعداد

ا.د عادل حجازى

استاذ التكنولوجيا الحيوية النباتية – جامعة مدينة السادات

استاذ بارز ومستشار لجامعىة اوساكا اليابانية

خبير محاصيل الطاقة وممثل لمعهد التنمية الياباني (JDI)

مؤسس وشريك المشتل الياباني المصري للجوجوبا  (JMJN (

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى