علميمقالات

الأهمية الاستراتيجية لنخيل البلح

الاستاذ الدكتور  محمد عادل الغندور

هناك عدة نقاط رئيسية تجعل من شجرة نخيل البلح أهمية استراتيجية كبيرة كالآتي :

* الأهمية الغذائية والطبية لثمار نخيل البلح

إن ثمار البلح تعتبر على رأس قائمة الأغذية الهامة للإنسان لما له أهمية غذائية وطبية بما يحتويه على مواد سكرية تمد الإنسان بالطاقة التي تبث الحيوية والنشاط بالسعرات الحرارية العالية التي يكتسبها الجسم ويحتوي التمر على 3 أنواع من السكر (الجلوكوز والفراكتوز) وهي النسبة الأعلى وقليلا من (السكروز)، فإن كيلوجرام من البلح حوالي 60- 65% سكر بالإضافة إلى حوالي 2% بروتين، وتصل إلى 2% دهن والألياف حوالي 2.5% من ؟؟؟ ، بالإضافة إلى العناصر المعدنية والتي يطلق على البلح بأنه منجم من المعادن لأنه يعتبر من أغنى الأغذية من هذه المواد المعدنية وخاصة فإنه غني بالحديد والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم وبعض كميات متوسطة من الكلور والفوسفور ، النحاس ، الماغنسيوم ، الكبريت ، السليكون ، وبعض كميات قليلة من الصوديوم.

وهناك الفيتامينات كما يوضح الجدول التالي :

المصدر : كتاب العلاج بالتمر والرطب – دار الطلائع للنشر والتوزيع والتصدير ، 1999 م 5

وهناك بعض المكونات الغذائية التي تحمي الإنسان من الأمراض الكثير التي تنتج عن سوء التغذية والخاصة بالمناعة والخصوبة.

 

* النخيل يزرع في جميع محافظات مصر

بعض الأشجار يناسبها ظروف معينة في بعض المناطق دون الأخرى، لكن نخيل البلح يناسبه جميع الأراضي والمياه والمناخ في مصر .

أولا : المناخ

أ- الحرارة : يزرع نخيل البلح في المناطق المناسبة وغير المناسبة مثل المناطق القاحلة وشبه القاحلة والتي تتميز بانعدام الأمطار ورطوبة جوية منخفضة تصل إلى حد الجفاف وشدة حرارة عالية وطول النهار معظم فترات السنة .

– وعموما فإن الحد الأدنى لدرجة الحرارة المناسب للنخيل في الظروف العادية 7مº ولكنه يتحمل حتى تحت الصفر المئوي في الشتاء ويصل إلى المستوى الأمثل 32º م والحد الأقصى 40º م ولكنه أيضا يتحمل درجات حرارة تصل إلى ± 56 مº .

نجد من هذا أن نخيل البلح يصلح لجميع الأجواء داخل مصر حين يتوفر الماء حتى لو كان بكمية قليلة .

ب – الرطوبة الجوية :

إن مناخ مصر تتدرج فيه نسبة الرطوبة من الأسكندرية حتى توشكى بأسوان فتكون عالية في الأسكندرية ثم تتدرج حتى تصل إلى الجفاف في توشكى وبالتالي فإن نخيل البلح يصلح لجميع هذه الظروف ولكن نسبة الرطوبة تحدد فقط زراعة الأصناف ، فنجد أن الأصناف الرطبة والطرية يناسبها المناخ ذو الرطوبة النسبية العالية ، أما الأصناف نصف الجافة والأصناف الجافة يناسبها المناخ ذو الرطوبة النسبية المنخفضة .

جـ – الريــاح :

نجد طبيعة التركيب الموروفولوجي لنخيل البلح تمتاز بقوة ومرونة الساق ، وقوة وعمق جذورها بالأرض ، والأوراق ريشية خشبها قوي ومتين ومرن والوريقات رفيعة مدببة وذلك يجعله يتحمل قوة الرياح ولا يتأثر بشدتها بل الأكثر من ذلك فإن النخيل يحمي من حوله النباتات الأخرى .

د – الأمطار :

نخيل البلح يستطيع أن يتحمل هطول الأمطار لكن ليس في وقت التلقيح فهو قد يؤدي إلى فشل التلقيح وبالتالي عدم العقد والإثمار .

فنجد أن موعد التلقيح في مصر يبدأ من شهر فبراير في أسوان والواحات وفي هذه الفترة ليس بها أمطار وابتداء من شهر مارس في مناطق الجيزة حتى أسيوط ليس بها أمطار وابتداء من شهر إبريل في وجه بحري ونجد أن الأمطار قليلة وقد تكون متفرقة وحتى إذا وجدت فإنه يمكن إعادة التلقيح ،

وعامة فإن الأمطار في مصر تسقط في الشتاء بمعدل لا يضر بالتلقيح أو الثمار ولذلك فإن جميع المناطق في مصر تتناسب مع زراعة نخيل البلح .

هـ – الضوء :

نخيل البلح أكثر النباتات تحملا لشدة الإضاءة وذو احتياجات عالية من الإضاءة .

ثانيا : التربة :

على الرغم أن نخيل البلح يعطي أفضل إنتاج في التربة الجيدة إلا أنه يجود أيضا في مدى واسع من الأراضي سواء الطينية أو الرملية أو الخفيفة ، بالإضافة إلى أنها تتحمل ملوحة التربة أيضا .

ثالثا : مياه الري :

يزرع نخيل البلح على جميع مصادر المياه المتاحة مثل الأنهار والأمطار أو المياه الجوفية حتى إنه يتحمل درجات مختلفة من الملوحة تصل إلى سبعة آلاف جزء في المليون ويعتبر أكثر النباتات المنزرعة تحملا لملوحة المياه.

* نخيل البلح يكافح التصحر :

نظرا لكثرة الصحاري في مصر وتحتل نسبة كبيرة من مساحتها تصل إلى 96% ، ونظرا لطبيعة تحمل نخيل البلح وتأقلمه مع الظروف البيئية المحيطة ، وتتحمل الجفاف الشديد ومقاومة العطش لمدة طويلة يمكن استغلال ذلك في زراعة هذه الصحاري بنخيل البلح .وهذا ليس بجديد فنجد أن شبه الجزيرة العربية وبعض مناطق الواحات التي تنتشر في مصر والبلاد العربية تعيش لقرون طويلة ويقام عليها حياة بسبب وجود نخيل البلح الذي يمثل الغذاء والدواء والمسكن والمأوى حتى الآن .

وأيضا تساهم زراعة نخيل البلح في تطويع البيئة الصحراوية لتلائم زراعة أنواع أخرى قد لا تتلائم بمفردها في الزراعة في هذه البيئة .

* نخيل البلح بديل للغابات الخشبية :

نظرا لما ينتجه نخيل البلح من مخلفات خشبية سنويا تقدر بحولي من 25 –  35كجم/نخلة وأن نخيل البلح يعمر لأكثر من مائة عام فإن النخلة تستطيع أن تعطي طوال حياتها منتجات خشبية تقدر بحوالي من 2.5 –  3.5 طن/للنخلة  وهذا لا يتوفر لأي نبات شجري يستخدم في الغابات فهو لا يستطيع أن يصل إلى مائة عام ولا يعطينا أي منتجات خشبية سنويا بل يعطينا الخشب في نهاية عمره والذي لا يزن مثل هذا الوزن في النخيل .

وإن منتجات نخيل البلح الخشبية والورقية نستطيع أن نقيم عليها عديد من الصناعات :

1- صناعة الأخشاب .

2- صناعة الورق.

3- الصناعات اليدوية الخشبية .

4- صناعة الأعلاف .

5- صناعة الأسمدة ……..وغيرها .

* زراعة نخيل البلح لا تأخذ حيز كبير في الأرض .

نجد أن نخيل البلح لا يشغل مساحة من الأراضي المنزرع عليها بل العكس فإنه يرتفع عن سطح الأرض وبالتالي يعطي فرصة لزراعة أكثر من محصول أسفله سواء محاصيل حقلية أو خضر أو فاكهة دون الضرر بها بل على العكس فإنه يفيد هذه النباتات فهو يوفر ظلالا خفيفة ويحمي من أشعة الشمس الشديدة وأيضا يحميها من الرياح الشديدة ويوفر رطوبة نسبية مناسبة بالإضافة إلى خفض بعض من درجات الحرارة العالية فهو يمثل تكييف طبيعي للأرض التي ينمو فوقها.

* نخيل البلح أقل النباتات في احتياجاته من الخدمة الزراعية :

نجد أن نخيل البلح يحتاج إلى أقل معدلات في المقننات المائية والسمادية من النباتات الأخرى ولا يتأثر كثيرا في حالة الإهمال بها، وأيضا أقل النباتات تعرضا للأمراض والآفات ويمكن التغلب عليها مقارنا بالمحاصيل والأشجار البستانية الأخرى .

 

* ثمار نخيل البلح تمثل الأمن الغذائي للإنسان :

نجد أن الإنسان العربي عاش في الصحراء لقرون طويلة معتمدا في غذائه على ثمار البلح وخاصة في مرحلة التمر لقدرتها على التخزين لفترات طويلة طوال العام ، وغناها بالقيمة الغذائية والسعرات الحرارية العالية التي تعينه على الحياة وقسوتها ،  فهي كانت بالنسبة له مصدر للقوة والخصوبة ولأن هذه البيئات كانت لا تصلح لزراعة أي أنواع أخرى من المحاصيل فكان لا يجد إلا هذا الغذاء ، وأيضا في رحلات وسفر العرب سواء للحج أو التجارة كان التمر هو الغذاء الأساسي الذي يعيش عليها أثناء السفر ، ونجد في الحروب أيضا كان يعتمد الفرسان والعسكريون على حملهم لثمار التمر خاصة إنها ذات أوزان قليلة وتحتوي على كمية غذاء كافية لوقت الحرب .

ونجد في عصرنا الحديث أن السبب الرئيسي وصمود الشعب العراقي أمام الحصار الاقتصادي عليها لمدة 12 عام اعتمادهم في الغذاء على التمور التي تزرع بكميات كبيرة ولولاها لكان كثير من الشعب في عداد الموتى من الجوع .

وفي مصر نجد أن أغلب القرى التي تزرع نخيل التمر مثل أسوان والوادي الجديد وسيوة والواحات البحرية والجيزة يعتمد سكانها على التمر كغذاء رئيسي طوال العام .

كل هذه دلائل على أن محصول البلح هو الأمن الغذائي والذي يمكن توفيره للشعوب في حالة السنوات العجاف والحروب والحصار والفقر والسفر .

* نخيل البلح هو الشجرة التي يعمل بها كثير من العمالة المتنوعة :

محصول النخيل يحتاج إلى عمالة للرعاية البستانية ، وعمالة لخدمة رأس النخيل (تلقيح – خف- تقويس- تقليم- جمع ) ، عمالة في تصنيع المنتجات المختلفة سواء القائمة على الثمار أو المنتجات الثانوية ، عمالة في الصناعات اليدوية والريفية وبالتالي فإنه يساهم في القضاء على البطالة .

* نخيل البلح منتج يمكن إقامة اقتصاد دوله عليه :

مما تقدم نستطيع القول أن النخيل منتج يقام عليه زراعة وصناعة وتجارة ويستوعب كثير من العمالة .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى