علمي

دور عنصر السليكون في تحسين نمو ومقاومة النبات

الاستاذ الدكتور هاني عبدالله سرور أستاذ ورئيس قسم الكيمياء الحيوية بكلية الزراعة جامعة عين شمس

عنصر السليكون يوجد في تركيب النباتات أحادية الفلقة وثنائية الفلقة بمستويات تكافئ أو تزيد عن مستويات الفوسفور والماغنسيوم وهما من العناصر الكبرى وهناك تقسيم للنباتات حسب مستوى عنصر السليكون في أنسجتها إلى: نباتات مراكمة لعنصر السليكون: وهى تحتوي على نسبة 10-15% سليكون من الوزن الجاف وتشمل الحشائش النامية في التربة الرطبة مثل الأرز وحشائش الحلفا. نباتات متوسطة المحتوى من السيلكون وهى نباتات تحتوي على1 -3% سليكون من وزنها الجاف وتشمل حشائش الأراضى الجافة مثل القمح نباتات غير مراكمة للسيلكون وهى نباتات تحتوي على نسبة أقل من 1% من عنصر السيلكون من الوزن الجاف وتشمل جميع النباتات ثنائية الفلقة مثل جميع نباتات الخضر وأشجار الفاكهة والمحاصيل البقولية. ويمتص عنصر السيلكون على صورة حمض السالسيك أو أيون السليكات إلى داحل خلايا الجذر وينتقل عبر الخيوط السيتوبلازمية إلى الخشب حيث ينتقل إلى المجموع الخضري وعندما يصل تركيز حمض المونوسليسيك إلى تركيز حوالي 100جزء في المليون في درجة الحموضة الفسيولوجية للسيتوبلازم يتحول السيليكون إلى بوليميرات تعرف بالـ phytolithis و التي تدخل في تركيب الجدار الخلوي ويختلف نوع هذه البوليميرات السليكونية وحجمها الجزيئي من نبات إلى أخر كما وجد أنها ترتبط مع العديد من المركبات الحيوية الأخرى مثل اللجنين والبكتين والسيلليلوز وغيرها. ويلعب عنصر السليكون دورا رئيسيا فى زيادة إنتاج العديد من النباتات حيث يعمل على زيادة  كمية المحصول وتحسين الخصائص الفزيائية للتربة فى منطقة إنتشار الجذور وتحسين النمو الجذري والخضري كما يعمل عنصر السيلكون على زيادة مساحة الأوراق المعرضة للشمس وزيادة معدلات البناء الضوئي كما يعمل على زيادة مقاومة النبات للعوامل الميكانيكية مثل الرياح حيث تكون النباتات أكثر مقاومة للرقاد نتيجة لعمليات التسميد بالسيلكون كما أن عنصر السيليكون يعمل على تقليل معدلات النتح وزيادة مقاومة النبات للجفاف وملوحة التربة تعتبر عمليات المقاومة ووقاية النبات من العمليات الرئيسية في عمليات الإنتاج النباتي بل والمحددة لنجاح عملية الإنتاج إقتصاديا ولابد من التركيز على أن نجاح عمليات المكافحة للآفات الزراعية ليس المقصود بها خلو النبات من الآفات الزراعية فحسب بل أيضا خلوه من متبقيات المبيدات والكيماويات السامة التي تستخدم بشكل غير رشيد للقضاء على الآفات الزراعية مما يعمل على إنخفاض جودة المحصول بسبب وجود متبقيات المبيدات كما أن الإسراف فى إستخدام المبيدات يعمل على زيادة مقاومة الأفات لهذة المبيدات وبالتالى زيادة شراسة الإصابة خلال عدة مواسم وبالتالى فإنه من الضروري البحث عن بدائل فعالة في مقاومة الآفات الزراعية بحيث لا يكون لها أثار سمية متبقية فى المنتج الزراعي وسأحاول خلال هذة المقالة أن ألقي الضوء على مادة السليكا كأحد أشهر المواد التي يمكن إستخدامها. عنصر السليكون يمثل حوالي 27.2% من العناصر على وجه الكرة الأرضية وذلك بعد عنصر الأوكسجين الذى يمثل 45.5% من العناصر ويتميز عنصر السليكون بعدة خصائص كيميائية وفزيائية، مثل أنه منخفض التوصيل الكهربى semiconductor وبشكل عام فإن ثاني أكسيد السليكون أو السليكا يعتير من أكثر مركبات السليكا شيوعا على وجه الأرض والسليكا SiO2 عبارة عن أندريك حمض الأورثو سليسيك H4SiO4 وهو الصورة الذائبة للسليكا ويمكن معادلته بالقلويات مثل هيدروكسيد البوتاسيوم فيتحول إلى سليكات البوتاسيوم وهناك حالة من الإتزان بين حمض الأورثوسليسيك وسليكات البوتاسيوم وقد أهتم العلماء بتأثيرات السيكا على النبات وتغذيته من أكثر من 100 عام حيث قام العالم Juluis Sachs بدراسة ما إذا كان حمض السيليسيك له دور في تغذية النبات وتكوينه وماهى العلاقة بين ما يتناوله النبات من حمض السيليسيك وأداء النبات ووظائفه الفسيولوجية؟ ومن العجيب أن هذا السؤال مازال مطروحا حتى الأن حيث أن العديد من مراكز البحث العلمي المهتمة بالإنتاج الزراعي وفسيولوجيا النبات ومقاومة الأفات الزلراعية تهتم بهذا الموضوع وتخصص له العديد من أبحاثها وقد أسفرت الأبحاث العلمية عن مجموعة من الحقائق سنلقى الضوء عليها فيما يلى بهدف توضيح أهمية إستخدام مركبات السليكا كبدائل للمبيدات في عمليات المقاومة وكيف تلعب دورا كبيرا في إنتاج محصول كبير خالى من الأفات الفطرية والحشرية والأكاروسية وخالي من المبيدات:

  • وجد أن معاملة النبات بمركبات السليكا تؤدي إلى دخول السليكا في نركيب الجدر الخلوية وتكوين بوليميرات (جزيئات كبيرة) محتوية على السليكون تجعل الجدر الخلوية أكثر صلابة وبالتالي تكون مقاومة لإختراق الفطريات ويصبح النبات مقاوما بدرجة أعلى للأمراض الفطرية.
  • وجد أن معاملة النباتات بمركبات السليكا أو حمض الأورثوسليسيك تؤدي إلى تغيرات مورفولوجية من شأنها زيادة سمك الأوراق وزيادة كثافة الشعيرات على الأوراق وزيادة صلابتها وطولها مما يجعلها أكثر إحتفاظا بالماء وتحملا لعوامل الإجهاد البيئي وخاصة الحرارة المرتفعة والصقيع وكذلك منع سقوط بويضات الحشرات و الأكاروسات والجراثيم الفطرية على أنسجة أوراق النبات وبالتالي منع الإصابات الحشرية والأكاروسية والفطرية وتعتبر هذه التأثيرات من أهم التأثيرات الناتجة عن المعاملة بالسيلكون وتعرف بمقاومة السليكون الجهازية المستحثةSi- Induced resistance
  • كما وجد أن المعاملة بالسليكا تعمل على زيادة سمك ساق النبات وذو مجموع جذري وخضري كبيرين وذلك عن طريق زيادة حجم وصلابة الحزم الوعائية المكونة للخشب واللحاء مما يؤدي إلى زيادة معدلات نقل العناصر الغذائية من المجموع الجذري إلى باقي أجزاء النبات وكذلك نواتج عمليات التمثيل الحيوي مثل السكريات والأحماض الأمينية والهرمونات النباتية من الأوراق إلى المجموع الجذري.
  • أيضا و جد أن المعاملة بمركبات السليكا أو الأرثوسليسيك أسيد تؤدي إلى زيادة مقاومة النبات لإجهاد العطش عن طريق خفض فقد الماء من خلال عمليات النتح و التبخير.
  • كما تمت دراسات على بعض الأمراض مثل الصدأ في نباتات القمح و الأرز حيث و جد أن المعاملة بمركبات السليكا أدت إلى إنخفاض نشاط بعض الإنزيمات التي بواستطها يخترق الفطر خلايا النبات ويحدث الإصابة كا أن المعاملة بمركبات السليكا تؤدي إلى زيادة إنتاج مركبات جليكوزيدات الفينول التي تتميز بقدرة فائقة مضادة للفطريات بل و القاتله لها.
  • أيضا فإن التجارب التي أجريت على أوراق نبات الخيار أثبتت أن المعاملة يمركبات السليكا تؤدي إلى زيادة مقاومة النبات للأمراض الفطرية من خلال قدرة مركبات السليكا على حث تكوين بروتينات غنية بالحمض الأميني البرولين الذي له قدرة فائقة على مقاومة الفطريات.
  • في دراسات على سمية العناصر الثقيلة للنبات والإجهاد البيئي الناتج عن ملوحة التربة أو ماء الري أو الجفاف أو إرتفاع درجات الحرارة أو الصقيع فإن المعاملة بمركبات السليكا كانت ذات تأثيرات وقائية عديدة من خلال:
  1. تراكم العناصر الثقيلة في صورة سليكات كما في حالة التسمم بعنصر الزنك فإن الزنك يتراكم في صورة غير ذائبة وغير سامة وهي سليكات الزنك.
  2. خفض أكسدة الدهون المكونة للأغشية الخلوية وحماية الأغشية الخلوية ومنع فقد الخلية للماء.
  3. تنشيط الإنزيمات المضادة للأكسدة مثل إنزيم سوير أكسيد ديسميوتيز وإنزيم الكتاليز اللذان يلعبان دورا كبيرا في مقاومة النبات للإجهاد البيئي.

لذلك فإننى أتعجب أن نتائج الأبحاث العلمية تؤكد أن مركبات السليكا وخاصة سليكات البوتاسيوم و حمض الأورثوسليسيك ذات فاعلية كبيرة فى مقاومة الأفات الزراعية والإجهاد البيئي إلا أن المزارع المصري ما زال غير مستخدما لهذه المواد الطبيعية على الرغم أن استخدمها يحقق له نتائج جيدة في مجال عمليات المكافحة والإنتاج بل وبتكلفة إقتصادية منخفضة ولا تقارن بما يتكلفه فى عمليات المكافحة بإستخدام المبيدات الكيميائية باهظة التكاليف وذات المردود السيئ على جودة الإنتاج بل ويستخدمها بشكل غير رشيد يؤدي إلى وجود متبقيات سامة في المنتج الزراعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى