تتجه كثيرا من الدول المتقدمة بخطوات ثابتة إلى تقليل الأثر المتبقي للمبيدات المؤثرة على الصحة العامة للإنسان من خلال تحديد عدد أيام بعد المعاملة بالمبيدات على المزروعات لتجنب الآثار السلبية على الصحة ، كما يتم استبعاد بعض المبيدات والمركبات التي يظل لها أثار متبقية لفترات طويلة في الثمار أو التربة، كل هذه التدابير تهدف في المقام الأول إلى إنتاج محصول ليس له أثار سلبية عند استهلاكه ، وعليه فإن التطعيم له دور فعال ونشط في هذا المجال والذي من خلاله يمكن تلافي الكثير من هذه المشاكل .
بداية الإهتمام بعملية تطعيم نباتات الخضر في العالم ترجع إلى عام 1920 في كوريا واليابان حيث أشار Ashita
سنة 1927 إلى تطعيم البطيخ على بعض أصناف مجموعة الجورد Gourd ، وتزايد الاهتمام بتطعيم محاصيل الخضروات في دول شرق آسيا بصفة أساسية وفي بعض الدول الأوروبية ذات المساحات الزراعية المحدودة وذلك لعدم توافر إمكانية إتباع دورات زراعية والذي يؤدي بالتالي إلى تركيز أمراض التربة التي تصيب المجموع الجذري لمحاصيل الخضر بعكس ما هو موجود في الدول ذات المساحات الزراعية الواسعة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والتي يتُبع فيها نظام الدورات الزراعية، فنجد أن أسلوب إنتاج الخضر باستعمال التطعيم غير منتشر فيها.
و إذا نظرنا إلى أهمية التطعيم في شرق آسيا مثل كوريا واليابان لوجدنا أن مساحات الخضر التي تزرع بنباتات مطعومة قد تزايدت كثيراً خلال الفترة الأخيرة حيث وصلت في اليابان إلى 35.1 ألف هكتار زراعات حقل مفتوح و 15.7 ألف هكتار صوب منزرعة بالخضر المختلفة .
وبالنسبة لمصر فإن تطعيم الخضر بدأ منذ 2006 على النطاق التجاري وبثبوت التطعيم لتلبية إحتياج المزارعين فقد زاد الطلب على الشتلات المطعومة و حاليا ينُتج في مصر تقريبا من 18 الى 20 مليون شتلة تقريبا سنويا من الشتلات المطعومة.
وتعد عملية تطعيم نباتات الخضر من الأمور المستقبلية الهامة في مصر والتي يمكن من خلالها أن تساهم بقدر وفير فيما عرُف بالزراعة النظيفة وذلك من خلال تحديد المشكلة المرضية الموجودة وإختيار الأصل المناسب لمجابهة هذا المرض .
كما أن طرق التعقيم التقليدية والمتبع فيها طرق التعقيم بالبخار وأشعة الشمس تزداد فاعليتها باستخدام التطعيم لتقليل استخدام المبيدات بجميع أنواعها والتي لها تأثير سلبي على صحة الإنسان. وبالنسبة لمصر فنجد أن موضوع تطعيم الخضر مهم جدا في الزراعات المحمية حيث أن محاصيل الخضر التي تزُرع تحت هذا النظام أعدادها محدودة وبالتالي فإن إتباع الدورة الزراعية تحت الصوب يكون محدوداً أيضاً والنظر الدائم للعائد الإقتصادي . ولذلك فإن الإصابة بأمراض التربة تظهر بسرعة داخل الصوب الأمر الذي يستلزم معه تعقيم التربة والذي أصبحت تكاليفه مرتفعة لا يتحملها المزارعون بسهولة ومنع إستخدامه طبقا لإشتراطات وزارة الزراعة … بالإضافة إلى إرتفاع ثمن هجن التقاوي الخاصة بالزراعات المحمية ، ففقد أي نسبة من تقاوي هذه الهجن نتيجة إصابتها بأمراض التربة قد يسبب أعباء إضافية على المزارعين لأن التقاوي مرتفعة الثمن وبالتالي فإن إتباع أسلوب التطعيم سوف يساعد كثيراً على التخلص من مخاطر إصابات الجذور بأمراض التربة.
أهم محاصيل الخضر التي تنجح في التطعيم
- البطيخ
- الخيار
- الكنتالوب
- الطماطم
- الفلفل
- الباذنجان
ولعل في مصر يعتبر البطيخ من المحاصيل الأكثر إستخداما للتطعيم لإنتاج الشتلات يليها الخيار حيث تتعرض القرعيات مثل البطيخ والكنتالوب للإصابة بأمراض مختلفة مثل أمراض التربة كالذبول الفيوزارمي والديدان الثعبانية …….إلخ ؛ الأمر الذي يعرض زراعتها للخسائر الاقتصادية الفادحة ومن ثم الحاجة إلي برامج تربية طويلة للحصول على نباتات مقاومة لزراعتها وما يصاحبها من جهد ووقت وتكلفة ؛ ومن ثم يلجأ إلى التطعيم
التطعيم Grafting
هو علمية زراعية الغرض منها تركيب نباتين مع بعضهم البعض أحدهما يطلق عليه الصنف (Sicon ( وهو المحصول الذي يهُدف منه المحصول الإقتصادي , والنبات الأخر يطُلق عليه الأصل( (Rootstockوهو النبات الذي يستخدم كجذر بالتربة.
ويلاحظ أن الأصول المستخدمة لتطعيم القرعيات تكون من العائلة القرعية وتلك المستخدمة لتطعيم الباذنجانيات تكون من العائلة الباذنجانية ومن المهم عند التطعيم أن يتم التوافق في اللحام بين الصنف والأصل و من الهام أن تكون نباتات الأصول المختارة لها صفات ومقاومات للمشاكل الموجودة في الظروف البيئية والأمراض المتوطنة بالتربة.
أهداف التطعيم في محاصيل الخضر:–
1- مقاومة أمراض التربة:-
مثل استخدام بعض أصناف الطماطم المتداولة أو بعض الأنواع البرية كأصول مقاومة لبعض الأمراض مثل استخدام الطماطم VFN 8 وهو صنف مقاوم للفيرتسيليم Verticilium والفيوزاريوم Fusarium oxysporum والنيماتودا Nematodes
أو استخدام العديد من هجن الطماطم المقاومة لنفس الأمراض ليطُعم عليها بعض أصناف أو هجن الطماطم الوفيرة الإنتاج والتي تتميز بصفات ثمرية عالية الجودة وليس بها صفات المقاومة لهذه الأمراض والتي تنتقل إليها عن طريق التربة فتؤثر على إنتاجيتها .
2- زيادة في الإنتاجية للمحصول:-
حيث أثبتت التجارب العملية والعلمية زيادة إنتاجية المحصول للنباتات المطعومة بحوالي 20% عن الشتلات العادية في الأراضي البكر وبحوالي 60% الي 70% عن الشتلات العادية بالأراضي القديمة المصابة .
2- مقاومة ظروف برودة التربة أو إرتفاع درجة الحرارة للتربة في فصلي الشتاء والصيف:-
حيث استعمل Yamakawa سنة 1993 بعض الأصول التي تتلائم وظروف التربة من درجات الحرارة باستخدام نبات اليقطين Lagenaria siceraria ونبات Cucurbita ficifolia ( Fig-leaf gourd ) كأصل يطعم عليه الخيار ليزرع تحت ظروف الصوب الزراعية في موسم الشتاء حيث تمتاز بمجموع جذري كبير قوي ، كم أستعمل هجين Shintosa كأصل يطُعم عليه الخيار أيضاً أثناء الموسم الصيفي الحار في كوريا .
3- مقاومة ملوحة التربة:-
وذلك باستخدام نبات اليقطين أو نبات Fig-leaf gourd .
4- تقليل تكاليف الإنتاج:-
في البطيخ تقل عدد الشتلات بالنسبة للفدان من 2200 شتلة للفدان بالشتلات العادية الى 900 و الى 1100 شتلة للفدان بالشتلات المطعومة مما يترتب علية تقليل باقي التكاليف الأخري للفدان .
5- تحسين من مستوي الجودة للمحصول :-
حيث وجُد من قوة الأصول المستخدمة في الشتلات المطعومة أن مواصفات ما بعد الحصاد تتحسن بالتطعيم في حين أن الخطأ الشائع بأن التطعيم يؤثر علي الطعم للمحصول والذي لم يثبت بالدليل أن التطعيم يسبب تغير في الطعم إلا في حالات الحصاد في مرحلة غير مناسبة للنضج الفعلي للثمرة .
طرق التطعيم
هنالك العديد من الطرق التي تستخدم للتطعيم ومن أهمها
1 – تطعيم قميGrafting Splice
وهى طريقة شائعة في القرعيات ولا تصلح للباذنجانيات حيث يتم شق الورقة الفلقية للأصل من أسفل عنق الورقة ويتم سلخ الورقة الفلقية من النبات مع التخلص من البرعم الطرفي لنبات الأصل ويكون القطع مائل بحيث يكون طول القطع نفس طول القطع في الأصل ونفس طول الكليبس
- تطعيم جانبي Side Grafting
وهى غير شائعة وفيها يتم شق الساق لنبات الأصل بالمشرط في منتصف الساق والشق طولي بدون لسان ويتم قطع الصنف من الساق ويتم حشر الساق للصنف في الشق الذي في الأصل
- تطعيم جانبي بالإقتران Approach Grafting
وهي شائعة في القرعيات و الباذنجانيات والتي يتم فيها شق الساق للأصل والصنف شق مائل بالمشرط ويكون متعاكسين ومع مراعاة يتناسب الشق مع طول الكليبس ويتم لحام الشقين وتركيب الكليبس على منطقة اللحام
- تطعيم بالحشر Hole Insertion Grafting
وفيه يتم نزع البرعم الطرفي بين الورقتين الفلقيتين للأصل وعمل فجوة من القمة الي الساق في الأصل ويتم قطع الساق للصنف مثل القلم ويحشر ساق الصنف في الثقب أو الفجوة التي في ساق الأصل ويغلق عليها بمشبك التطعيم.
المشاكل الشائعة عند إجراء التطعيم:-
1- إختيار الأصول المناسبة للتطعيم عليها ومراعاة توافق بين الصنف والأصل، التوافق العمري والفسيولوجي.
2- طريقة إجراء التطعيم (قمي أو جانبي ).
3- مدى توافر العمالة المدربة لإجراء التطعيم.
4- التوقيت المناسب لإجراء التطعيم.
5- التكلفة المرتفعة لبذور الأصول.
6- عمليات المتابعة لما بعد التطعيم.
7- إرتفاع تكاليف إنتاج الشتلة المطعومة .
المهندس محمد عبدالرحمن القرش
شركة تكنوجرين للاستثار الزراعي
