علمي

المواد العضوية المهدرة فى مصر وكيفية الاستفادة منها فى زراعة الصحراء

 

 

د.محمد الملاح

مدير المكتب العلمى والدعم الفنى

بشركة أبو غنيمة للأسمدة والصناعات الكيماوية

 

 

نظرا للزيادة السكانية وما تتطلبه من استهلاك كميات كبيرة من المواد الغذائية؛ وعلي رأسها اللحوم،  وما ينشأ من مشاكل تتعلق بالثروة الداجنة من ظهور أمراض تحد من اعتماد السكان علي تربية الطيور مثل انفلونزا الطيور، وغيرها؛  حيث نشأت أمراض ذات مسببات طفيلية تعتمد علي عوائل مشتركة بين الإنسان، والحيوان وهي التي يعتمد عليها في سد احتياجاته من البروتين الحيواني، وكذلك الأسماك كعناصر مكملة لهذا النوع الهام من البروتين.

من هنا كان الاعتماد علي المجازر، والمفارخ، والمزارع في أنحاء البلاد، فبلغ عدد المجازر حوالى  789 مجزرا حسب تقارير وزارة الزراعة، والمجالس القومية المتخصصة التي نشر “الأهرام الاقتصادي” تحقيقا عن إحداها  في عدده الصادر بتاريخ 30 من مارس 1998 حيث  قدر التقرير الحد الأدني للاستفادة من مخلفات هذه المجازر من الدم، والقرون، والحوافر، والأمعاء، والإعدامات ما قيمته 100 مليون جنيه، وتعطي العظام وحدها عائدا يصل الى 123 مليون جنيها سنويا(تقديرا بأسعار الفترة التى ظهر فيها هذا التقرير).

وقد اتجهت الأنظار نحو استخدام هذه المخلفات دون معالجة كأعلاف لاحتوائها علي نسب عالية من البروتين، وبعض العناصر الغذائية النافعة، ولكن تبين أن هذا النظام قد أدى الى الاخلال بالسلسلة الغذائية، حيث  يقتات الحيوان على نفسه؛  فانتشرت الأمراض؛ وعلى رأسها جنون الأبقار، والأغنام، التى دمرت الثروة الحيوانية فى كثير من الدول ، وعلى رأسها انجلترا.

ومن هنا جاء التفكير فى استغلال هذه الثروات المهدرة؛ والتى تؤذى البيئة، وتؤثر على صحة الانسان، والحيوان اذا ما تركت دون استغلال؛ علاوة على المردود الاقتصادى،  وذلك عن طريق هضمها بالمواد الكيميائية لتكون مصدرا جيدا،  ونظيفا للمواد العضوية، والأحماض الأمينية، وبعض العناصر التى تحتاجها التربة المصرية خاصة الصحراوية منها، والمستصلحة حديثا والتى تفقد منها المواد العضوية الدبالية باستمرار خلال شهور الصيف الطويلة ذات الشمس الحارقة، حيث تحتفظ المواد العضوية فى التربة بالماء، والعناصر الغذائية، مما يعمل على توفير كميات كبيرة من الماء، والمواد الغذائية؛  ومن ثم عودة السلسلة الغذائية الى وضعها الطبيعى لتعود المخلفات الحيوانية الى الارض، وليس الى الحيوان نفسه كما كان يتم من قبل.

وبناء على هذه المقدمات تم تحويل بعض هذه المخلفات المتمثلة فى العظام، والأسماك، واللحوم، والريش، والدم الى أسمدة عضوية غير تقليدية بالهدم الكيميائى القلوي، والحامضي باستخدام بعض الكيماويات المناسبة مثل هيدروكسيد البوتاسيوم، وحامض الكبريتيك المركز، وحامض النيتريك، وحامض الفوسفوريك.

بعد ذلك تم تقييم الأسمدة الناتجة بتحليل العناصر المحتوية عليها، والداخلة في التفاعلات تحليلا كميا، كما أجريت التحاليل الفيزيائية لما لها من أهمية في تقييم السماد المستخدم في الزراعة، وكذلك اختيار نبات البصل لتقييم كفاءة هذه الأسمدة  من خلال الاستزراع فى المزارع المائية لمدة ثلاثة أسابيع.

تم تقدير الرطوبة فى الأسمدة الناتجة، وتقدير الحموضة، والتوصيل الكهربى، والملوحة، والكثافة، والذوبانية،  كما تم أيضا تقدير النيتروجين الكلي، وعناصر الفوسفور، والبوتاسيوم، والماغنيسيوم، والكالسيوم، والكبريت، والعناصر الصغرى من حديد، ومنجنيز، وزنك، ونحاس، علاوة على الأحماض الأمينية، وأنواعها، وتقدير المادة العضوية، وتحديد نسبة الكربون الى النيتروجين، ومن المنظور البيئى تتبع البحث وجود الآثار الضئيلة من العناصر الثقيلة فى هذه الأسمدة.

تم تحضير سماد مستخلص العظام السائل بالتحلل المائى للبروتين المتبقى بمسحوق العظام باستخدام محلول مخفف من هيدروكسيد البوتاسيوم، ثم معادلته بحامض النيتريك، وأيضا لتحويل الكالسيوم، والفوسفور الى نترات الكالسيوم الذائبة فى حامض الفوسفوريك، وقد أعطى هذا المستخلص زيادة قدرها 17.57 %  لنبات البصل، كما تم تحضير سماد السوبر فوسفات الأحادى باستخدام مسحوق العظام المحتوى على نسبة من البروتين المتبقى(1-3 %) مع حامض الكبريتيك المركز، والماء لعمل تحلل مائى للبروتين الى أحماض أمينية، وأعطى المنتج زيادة قدرها 12.85 % فى نبات البصل، وقد أمكن الحصول على مستخلص رماد العظام السائل بحرق المسحوق عند 1000ºم(كلسنة) للتخلص نهائيا من المواد العضوية،  وزاد محصول البصل 9.5 % .

تم الحصول على سماد مستخلص الأسماك النيتريكى السائل من متبقيات صناعة الأسماك، والأسماك الصغيرة بالهضم القلوى، ثم إضافة حامض النيتريك لمعادلة المحلول، فزاد المحصول المسمد  بهذا  المستخلص  بمقدار  28.11 %،  وللحصول  على  سماد مستخلص الأسماك الفوسفورى السائل تم الهضم القلوى، ثم معادلة المحلول بحامض الفوسفوريك، لمقارنته بحامض النيتريك فى التجربة السابقة، حيث تبين تفوق الاضافة بحامض النيتريك على حامض الفوسفوريك الذى أعطى زيادة قدرها 23.22 % فقط.

    يتم جمع الدم ليتحلل مائيا بمساعدة هيدروكسيد البوتاسيوم ، ويعادل بحامض النيتريك، وقد زاد الانتاج الزراعى المعالج بسماد مستخلص الدم السائل بحوالى 17.10 %،  كما تم هضم اللحم الفاسد بنفس الطريقة،  وقد حقق مستخلص اللحم السائل عند التقييم الزراعى زيادة قدرها 21.34 %.          

يجمع الريش ليتم غسله، وتجفيفه، وطحنه لتبدأ عملية الهضم الحامضى، والمعاملة بالحجر الجيرى، وكانت الزيادة فى وجود سماد مستخلص الريش الحامضى السائل حوالى 19.28 %،   واستخدم الهدم القلوى للحصول على سماد مستخلص الريش القلوى السائل المتعادل، وقد بلغت الزيادة المحصولية فى هذا النوع من السماد 12.54 %، وهى زيادة أقل من النوع المعالج حامضيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى